فصل: حَرِيرٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)



.حَرِيرٌ:

قَدْ تَقَدّمَ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَبَاحَهُ لِلزّبَيْرِ وَلِعَبْدِ الرّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ مِنْ حِكّةٍ كَانَتْ بِهِمَا وَتَقَدّمَ مَنَافِعُهُ وَمِزَاجُهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إعَادَتِهِ.

.حُرْفٌ:

قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدّينَوَرِيّ: هَذَا هُوَ الْحَبّ الّذِي يُتَدَاوَى بِهِ وَهُوَ الثّفّاءُ الّذِي جَاءَ فِيهِ الْخَبَرُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَنَبَاتُهُ يُقَالُ لَهُ الْحُرْفُ وَتُسَمّيهِ الْعَامّةُ الرّشَادُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: الثّفّاءُ هُوَ الْحُرْفُ. قُلْت: وَالْحَدِيثُ الّذِي أَشَارَ إلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ مَاذَا فِي الْأَمَرّيْنِ مِنْ الشّفَاءِ؟ الصّبِرُ وَالثّفّاءُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ. وَقُوّتُهُ فِي الْحَرَارَةِ وَالْيُبُوسَةِ فِي الدّرَجَةِ الثّالِثَةِ وَهُوَ يُسَخّنُ وَيُلَيّنُ الْبَطْنَ وَيُخْرِجُ الدّودَ وَحَبّ الْقَرَعِ وَيُحَلّلُ أَوْرَامَ الطّحَالِ وَيُحَرّكُ شَهْوَةَ الْجِمَاعِ وَيَجْلُو الْجَرَبَ الْمُتَقَرّحَ وَالْقُوَبَاءَ. وَإِذَا ضُمّدَ بِهِ مَعَ الْعَسَلِ حَلّلَ وَرَمَ الطّحَالِ وَإِذَا طُبِخَ مَعَ الْحِنّاءِ أَخْرَجَ الْفُضُولَ الّتِي فِي الصّدْرِ وَشُرْبُهُ يَنْفَعُ مِنْ نَهْشِ الْهَوَامّ وَلَسْعِهَا وَإِذَا دُخّنَ بِهِ فِي طَرَدَ الْهَوَامّ عَنْهُ وَيُمْسِكُ الشّعْرَ الْمُتَسَاقِطَ وَإِذَا خُلِطَ بِسَوِيقِ الشّعِيرِ وَالْخَلّ وَتُضُمّدَ بِهِ نَفَعَ مِنْ عِرْقِ النّسَا وَحَلّلَ الْأَوْرَامَ الْحَارّةَ فِي آخِرِهَا. وَإِذَا تُضُمّدَ بِهِ مَعَ الْمَاءِ وَالْمِلْحِ أَنْضَجَ الدّمَامِيلَ وَيَنْفَعُ مِنْ الِاسْتِرْخَاءِ فِي جَمِيعِ الْأَعْضَاءِ وَيَزِيدُ فِي الْبَاهِ وَيُشَهّي الطّعَامَ وَيَنْفَعُ الرّبْوَ وَعُسْرَ التّنَفّسِ وَغِلَظَ الطّحَالِ وَيُنَقّي الرّئَةَ وَيُدِرّ الطّمْثَ وَيَنْفَعُ مِنْ عِرْقِ النّسَا وَوَجَعِ حُقّ الْوَرِكِ مِمّا يَخْرُجُ مِنْ الْفُضُولِ إذَا شُرِبَ أَوْ احْتُقِنَ بِهِ وَيَجْلُو مَا فِي الصّدْرِ وَالرّئَةِ مِنْ الْبَلْغَمِ اللّزِجِ. وَإِنْ شُرِبَ مِنْهُ بَعْدَ سَحْقِهِ وَزْنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ بِالْمَاءِ الْحَارّ أَسْهَلَ الطّبِيعَةَ وَحَلّلَ الرّيَاحَ وَنَفَعَ مِنْ وَجَعِ الْقُولَنْجِ الْبَارِدِ السّبَبِ وَإِذَا سُحِقَ وَشُرِبَ نَفَعَ مِنْ الْبَرَصِ. وَإِنْ لُطّخَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْبَهَقِ الْأَبْيَضِ بِالْخَلّ نَفَعَ مِنْهُمَا وَيَنْفَعُ مِنْ الصّدَاعِ الْحَادِثِ مِنْ الْبَرْدِ وَالْبَلْغَمِ وَإِنْ قُلِيَ وَشُرِبَ عَقَلَ الطّبْعَ لَا سِيّمَا إذَا لَمْ يُسْحَقْ لِتَحَلّلِ لُزُوجَتِهِ بِالْقَلْيِ وَإِذَا غُسِلَ بِمَائِهِ الرّأْسُ نَقّاهُ مِنْ الْأَوْسَاخِ وَالرّطُوبَاتِ اللّزِجَةِ. قَالَ جالينوس: قُوّتُهُ مِثْلُ قُوّةِ بَزْرِ الْخَرْدَلِ وَلِذَلِكَ قَدْ يُسَخّنُ بِهِ أَوْجَاعُ الْوَرِكِ الْمَعْرُوفَةُ بِالنّسَا وَأَوْجَاعُ الرّأْسِ وَكُلّ وَاحِدٍ مِنْ الْعِلَلِ الّتِي تَحْتَاجُ إلَى التّسْخِينِ كَمَا يُسَخّنُ بَزْرُ الْخَرْدَلِ وَقَدْ يُخْلَطُ أَيْضًا فِي أَدْوِيَةٍ يُسْقَاهَا أَصْحَابُ الرّبْوِ مِنْ طَرِيقِ أَنّ الْأَمْرَ فِيهِ مَعْلُومٌ أَنّهُ يُقَطّعُ الْأَخْلَاطَ الْغَلِيظَةَ تَقْطِيعًا قَوِيّا كَمَا يَقْطَعُهَا بَزْرُ الْخَرْدَلِ لِأَنّهُ شَبِيهٌ بِهِ فِي كُلّ شَيْءٍ.

.حُلْبَةٌ:

يُذْكَرُ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ عَاد سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقّاصٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ بِمَكّةَ فَقَالَ اُدْعُوا لَهُ طَبِيبًا فَدُعِيَ الْحَارِثُ بْنُ كَلَدَةَ فَنَظَرَ إلَيْهِ فَقَالَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ فَاِتّخِذُوا لَهُ فَرِيقَةً وَهِيَ الْحُلْبَةُ مَعَ تَمْرِ عَجْوَةٍ رَطْبٍ يُطْبَخَانِ فَيَحْسَاهُمَا فَفَعَلَ ذَلِكَ فَبَرِئَ وَقُوّةُ الْحُلْبَةِ مِنْ الْحَرَارَةِ فِي الدّرَجَةِ الثّانِيَةِ وَمِنْ الْيُبُوسَةِ فِي الْأُولَى وَإِذَا طُبِخَتْ بِالْمَاءِ لَيّنَتْ الْحَلْقَ وَالصّدْرَ وَالْبَطْنَ وَتُسَكّنُ السّعَالَ وَالْخُشُونَةَ وَالرّبْوَ وَعُسْرَ النّفَسِ وَتَزِيدُ فِي الْبَاهِ وَهِيَ جَيّدَةٌ لِلرّيحِ وَالْبَلْغَمِ وَالْبَوَاسِيرِ مُحْدِرَةُ الْكَيْمُوسَاتِ الْمُرْتَبِكَةِ فِي الْأَمْعَاءِ وَتُحَلّلُ الْبَلْغَمَ اللّزِجَ مِنْ الصّدْرِ وَتَنْفَعُ مِنْ الدّبَيْلَاتِ وَأَمْرَاضِ الرّئَةِ وَتُسْتَعْمَلُ لِهَذِهِ الْأَدْوَاءِ فِي الْأَحْشَاءِ مَعَ السّمْنِ وَالْفَانِيذِ. وَإِذَا شُرِبَتْ مَعَ وَزْنِ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ فُوّةٍ أَدَرّتْ الْحَيْضَ وَإِذَا طُبِخَتْ وَغُسِلَ بِهَا الشّعْرُ جَعّدَتْهُ وَأَذْهَبَتْ الْحَزَازَ. وَدَقِيقُهَا إذَا خُلِطَ بِالنّطْرُونِ وَالْخَلّ وَضُمّدَ بِهِ حَلّلَ وَرَمَ الطّحَالِ وَقَدْ تَجْلِسُ الْمَرْأَةُ فِي الْمَاءِ الّذِي طُبِخَتْ فِيهِ الْحُلْبَةُ فَتَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ وَجَعِ الرّحِمِ الْعَارِضِ مِنْ وَرَمٍ فِيهِ. وَإِذَا ضُمّدَ بِهِ الْأَوْرَامُ الصّلْبَةُ الْقَلِيلَةُ الْحَرَارَةُ نَفَعَتْهَا وَحَلّلَتْهَا وَإِذَا شُرِبَ مَاؤُهَا نَفَعَ مِنْ الْمَغَصِ الْعَارِضِ مِنْ الرّيَاحِ وَأَزْلَقَ الْأَمْعَاءَ. وَإِذَا أُكِلَتْ مَطْبُوخَةً بِالتّمْرِ أَوْ الْعَسَلِ أَوْ التّينِ عَلَى الرّيقِ حَلّلَتْ الْبَلْغَمَ اللّزِجَ الْعَارِضَ فِي الصّدْرِ وَالْمَعِدَةِ وَنَفَعَتْ مِنْ السّعَالِ الْمُتَطَاوِلِ مِنْهُ. وَيُذْكَرُ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ أَنّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «اسْتَشْفُوا بِالْحُلْبَةِ». وَقَالَ بَعْضُ الْأَطِبّاءِ لَوْ عَلِمَ النّاسُ مَنَافِعَهَا لَاشْتَرَوْهَا بِوَزْنِهَا ذَهَبًا.

.حَرْفُ الْخَاءِ:

.خُبْزٌ:

ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ قَالَ: «تَكُونُ الْأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً يَتَكَفّؤُهَا الْجَبّارُ بِيَدِهِ كَمَا يَكْفُؤُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السّفَرِ نُزُلًا لِأَهْلِ الْجَنّةِ» وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ: مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ أَحَبّ الطّعَامِ إلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الثّرِيدُ مِنْ الْخُبْزِ وَالثّرِيدُ مِنْ الْحَيْسِ وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ: «وَدِدْتُ أَنّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرّةٍ سَمْرَاءَ مُلَبّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ» فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَاِتّخَذَهُ فَجَاءَ بِهِ فَقَالَ: «فِي أَيّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا السّمْنُ؟» فَقَالَ: فِي عُكّةِ ضَبّ فَقَالَ: «ارْفَعْهُ».
وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا تَرْفَعُهُ: «أَكْرِمُوا الْخُبْزَ وَمِنْ كَرَامَتِهِ أَنْ لَا يَنْتَظِرَ بِهِ الْإِدَامُ» وَالْمَوْقُوفُ أَشْبَهُ فَلَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ وَلَا رَفْعُ مَا قَبْلَهُ.

.لَا يَصِحّ حَدِيثٌ فِي النّهْيِ عَنْ قَطْعِ الْخُبْزِ بِالسّكّينِ:

وَأَمّا حَدِيثُ النّهْيِ عَنْ قَطْعِ الْخُبْزِ بِالسّكّينِ فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ عَنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَإِنّمَا الْمَرْوِيّ النّهْيُ عَنْ قَطْعِ اللّحْمِ بِالسّكّينِ وَلَا يَصِحّ أَيْضًا. قَالَ مُهَنّا: سَأَلْتُ أَحْمَدَ عَنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَا تَقْطَعُوا اللّحْمَ بِالسّكّينِ فَإِنّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الْأَعَاجِمِ فَقَالَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا يُعْرَفُ هَذَا وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ خِلَافُ هَذَا وَحَدِيثُ الْمُغِيرَةِ- يَعْنِي بِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيّةَ- كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَحْتَزّ مِنْ لَحْمِ الشّاةِ وَبِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ أَنّهُ لَمّا أَضَافَهُ أَمَرَ بِجَنْبٍ فَشُوِيَ ثُمّ أَخَذَ الشّفْرَةَ فَجَعَلَ يَحُزّ.

.فصل أَنْوَاعُ الْخُبْزِ وَأَنْفَعُهَا:

وَأَحْمَدُ أَنْوَاعِ الْخُبْزِ أَجْوَدُهَا اخْتِمَارًا وَعَجْنًا ثُمّ خُبْزُ التّنّورِ أَجْوَدُ أَصْنَافِهِ الْمَلّةِ فِي الْمَرْتَبَةِ الثّالِثَةِ وَأَجْوَدُهُ مَا اُتّخِذَ مِنْ الْحِنْطَةِ الْحَدِيثَةِ. وَأَكْثَرُ أَنْوَاعِهِ تَغْذِيَةً خُبْزُ السّمِيذِ وَهُوَ أَبْطَؤُهَا هَضْمًا لِقِلّةِ نُخَالَتِهِ وَيَتْلُوهُ خُبْزُ الْحُوّارَى ثُمّ الْخُشْكَارِ.

.أَفْضَلُ أَوْقَاتِ أَكْلِهِ بَعْدَ خَبْزِهِ:

وَأَحْمَدُ أَوْقَاتِ أَكْلِهِ فِي آخِرِ الْيَوْمِ الّذِي خُبِزَ فِيهِ وَاللّينُ مِنْهُ أَكْثَرُ تَلْيِينًا وَغِذَاءً وَتَرْطِيبًا وَأَسْرَعُ انْحِدَارًا وَالْيَابِسُ بِخِلَافِهِ. وَمِزَاجُ الْخُبْزِ مِنْ الْبُرّ حَارّ فِي وَسَطِ الدّرَجَةِ الثّانِيَةِ وَقَرِيبٌ مِنْ الِاعْتِدَالِ فِي الرّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ وَالْيُبْسُ يَغْلِبُ عَلَى مَا جَفّفَتْهُ النّارُ مِنْهُ وَالرّطُوبَةُ عَلَى ضِدّهِ.

.خُبْزُ الْحِنْطَةِ:

وَفِي خُبْزِ الْحِنْطَةِ خَاصّيّةٌ وَهُوَ أَنّهُ يُسَمّنُ سَرِيعًا وَخُبْزُ الْقَطَائِفِ يُوَلّدُ خَلْطًا غَلِيظًا وَالْفَتِيتُ نُفّاخٌ بَطِيءُ الْهَضْمِ وَالْمَعْمُولُ بِاللّبَنِ مُسَدّدٌ كَثِيرُ الْغِذَاءِ بَطِيءُ الِانْحِدَارِ.

.خُبْزُ الشّعِيرِ:

وَخُبْزُ الشّعِيرِ بَارِدٌ يَابِسٌ فِي الْأَوْلَى وَهُوَ أَقَلّ غِذَاءً مِنْ خُبْزِ الْحِنْطَةِ.

.خَلّ:

رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا أَنّ رَسُولَ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَأَلَ أَهْلَهُ الْإِدَامَ فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إلّا خَلّ فَدَعَا بِهِ وَجَعَلَ يَأْكُلُ وَيَقُولُ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلّ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلّ وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ أُمّ سَعْدٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ نِعْمَ الْإِدَامُ الْخَلّ اللّهُمّ بَارِكْ فِي الْخَلّ فَإِنّهُ كَانَ إدَامَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي وَلَمْ يَفْتَقِرْ بَيْتٌ فِيهِ الْخَلّ الْخَلّ مُرَكّبٌ مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ أَغْلَبُ عَلَيْهِ وَهُوَ يَابِسٌ فِي الثّالِثَةِ قَوِيّ التّجْفِيفِ يَمْنَعُ مِنْ انْصِبَابِ الْمَوَادّ وَيُلَطّفُ الطّبِيعَةَ وَخَلّ الْخَمْرِ يَنْفَعُ الصّفْرَاءَ وَيَدْفَعُ ضَرَرَ الْأَدْوِيَةِ الْقَتّالَةِ وَيُحَلّلُ اللّبَنَ وَالدّمَ إذَا جَمَدَا فِي الْجَوْفِ وَيَنْفَعُ الطّحَالَ وَيَدْبُغُ الْمَعِدَةَ وَيَعْقِلُ الْبَطْنَ وَيَقْطَعُ الْعَطَشَ وَيَمْنَعُ الْوَرَمَ حَيْثُ يُرِيدُ أَنْ يَحْدُثَ وَيُعِينُ عَلَى الْهَضْمِ وَيُضَادّ الْبَلْغَمَ وَيُلَطّفُ الْأَغْذِيَةَ الْغَلِيظَةَ وَيُرِقّ الدّمَ. وَإِذَا شُرِبَ بِالْمِلْحِ نَفَعَ مِنْ أَكْلِ الْفِطْرِ الْقَتّالِ وَإِذَا اُحْتُسِيَ قَطَعَ الْعَلَقَ الْمُتَعَلّقَ بِأَصْلِ الْحَنَكِ وَإِذَا تُمُضْمِضَ بِهِ مُسَخّنًا نَفَعَ مِنْ وَجَعِ الْأَسْنَانِ وَقَوّى اللّثَةَ. وَهُوَ نَافِعٌ لِلدّاحِسِ إذَا طُلِيَ بِهِ وَالنّمْلَةِ وَالْأَوْرَامِ الْحَارّةِ وَحَرْقِ النّارِ وَهُوَ مُشَهّ لِلْأَكْلِ مُطَيّبٌ لِلْمَعِدَةِ صَالِحٌ لِلشّبَابِ وَفِي الصّيْفِ لِسُكّانِ الْبِلَادِ الْحَارّةِ.

.خِلَالٌ:

فِيهِ حَدِيثَانِ لَا يَثْبُتَانِ أَحَدُهُمَا: يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيّوبَ الْأَنْصَارِيّ يَرْفَعُهُ يَا حَبّذَا الْمُتَخَلّلُونَ مِنْ الطّعَامِ إنّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَشَدّ عَلَى الْمَلَكِ مِنْ بَقِيّةٍ تَبْقَى فِي الْفَمِ مِنْ الطّعَامِ وَفِيهِ وَاصِلُ بْنُ السّائِبِ قَالَ الْبُخَارِيّ وَالرّازِيّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ وَقَالَ النّسَائِيّ وَالْأَزْدِيّ مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ.
الثّانِي: يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَأَلْت أَبِي عَنْ شَيْخٍ رَوَى عَنْهُ صَالِحٌ الْوُحَاظِيّ يُقَالُ لَهُ مُحَمّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَنْصَارِيّ حَدّثَنَا عَطَاءٌ عَنْ ابْنِ عَبّاسٍ قَالَ نَهَى رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يُتَخَلّلَ بِاللّيطِ وَالْآسِ وَقَالَ إنّهُمَا يَسْقِيَانِ عُرُوقَ الْجُذَامِ فَقَالَ أَبِي: رَأَيْتُ مُحَمّدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ- وَكَانَ أَعْمَى- يَضَعُ الْحَدِيثَ وَيَكْذِبُ. اُتّخِذَ مِنْ عِيدَانِ الْأَخِلّةِ وَخَشَبِ الزّيْتُونِ وَالْخِلَافِ وَالتّخَلّلُ بِالْقَصَبِ وَالْآسِ وَالرّيْحَانِ والباذروج مُضِرّ.

.حَرْفُ الدّالِ:

.دُهْنٌ:

رَوَى التّرْمِذِيّ فِي كِتَابِ الشّمَائِلِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُمَا قَالَ كَانَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُكْثِرُ دُهْنَ رَأْسِهِ وَتَسْرِيحَ لِحْيَتِهِ وَيُكْثِرُ الْقِنَاعَ كَأَنّ ثَوْبَهُ ثَوْبُ زَيّاتٍ الدّهْنُ يَسُدّ مَسَامّ الْبَدَنِ وَيَمْنَعُ مَا يَتَحَلّلُ مِنْهُ وَإِذَا اُسْتُعْمِلَ بَعْدَ الِاغْتِسَالِ بِالْمَاءِ الْحَارّ حَسّنَ الْبَدَنَ وَرَطّبَهُ وَإِنْ دُهِنَ بِهِ الشّعْرُ حَسّنَهُ وَطَوّلَهُ وَنَفَعَ مِنْ الْحَصْبَةِ وَدَفَعَ أَكْثَرَ الْآفَاتِ عَنْهُ وَفِي التّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ مَرْفُوعًا: كُلُوا الزّيْتَ وَادّهِنُوا بِهِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى. وَالدّهْنُ فِي الْبِلَادِ الْحَارّةِ كَالْحِجَازِ وَنَحْوِهِ مِنْ آكَدِ أَسْبَابِ حِفْظِ الصّحّةِ وَإِصْلَاحِ الْبَدَنِ وَهُوَ كَالضّرُورِيّ لَهُمْ وَأَمّا الْبِلَادُ الْبَارِدَةُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ أَهْلُهَا وَالْإِلْحَاحُ بِهِ فِي الرّأْسِ فِيهِ خَطَرٌ بِالْبَصَرِ. وَأَنْفَعُ الْأَدْهَانِ الْبَسِيطَةِ الزّيْتُ ثُمّ السّمْنُ ثُمّ الشّيْرَجُ.

.مَنَافِعُ الْأَدْهَانِ الْمُرَكّبَةِ:

وَأَمّا الْمُرَكّبَةُ فَمِنْهَا بَارِدٌ رَطْبٌ كَدُهْنِ الْبَنَفْسَجِ يَنْفَعُ مِنْ الصّدَاعِ الْحَارّ وَيُنَوّمُ أَصْحَابَ السّهَرِ وَيُرَطّبُ الدّمَاغَ وَيَنْفَعُ مِنْ الشّقَاقِ وَغَلَبَةِ الْيُبْسِ وَالْجَفَافِ وَيُطْلَى بِهِ الْجَرَبُ وَالْحِكّةُ الْيَابِسَةُ فَيَنْفَعُهَا وَيُسَهّلُ حَرَكَةَ الْمَفَاصِلِ وَيَصْلُحُ لِأَصْحَابِ الْأَمْزِجَةِ الْحَارّةِ فِي زَمَنِ الصّيْفِ وَفِيهِ حَدِيثَانِ بَاطِلَانِ مَوْضُوعَانِ عَلَى رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَحَدُهُمَا فَضْلُ دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْهَانِ كَفَضْلِي عَلَى سَائِرِ النّاسِ.
وَالثّانِي: فَضْلُ دُهْنِ الْبَنَفْسَجِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْهَانِ كَفَضْلِ الْإِسْلَامِ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ. وَمِنْهَا: حَارّ رَطْبٌ كَدَهْنِ الْبَانِ وَلَيْسَ دُهْنُ زَهْرِهِ بَلْ دُهْنٌ يُسْتَخْرَجُ مِنْ حَبّ أَبْيَضَ أَغْبَرَ نَحْوَ الْفُسْتُقِ كَثِيرَ الدّهْنِيّةِ وَالدّسَمِ يَنْفَعُ مِنْ صَلَابَةِ الْعَصَبِ وَيُلَيّنُهُ وَيَنْفَعُ مِنْ الْبَرَشِ وَالنّمَشِ وَالْكَلَفِ وَالْبَهَقِ وَيُسَهّلُ بَلْغَمًا غَلِيظًا وَيُلِينُ الْأَوْتَارَ الْيَابِسَةَ وَيُسَخّنُ الْعَصَبَ وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ حَدِيثٌ بَاطِلٌ مُخْتَلَقٌ لَا أَصْلَ لَهُ ادّهِنُوا بِالْبَانِ فَإِنّهُ أَحْظَى لَكُمْ عِنْدَ نِسَائِكُمْ وَمِنْ مَنَافِعِهِ أَنّهُ يَجْلُو الْأَسْنَانَ وَيُكْسِبُهَا بَهْجَةً وَيُنَقّيهَا مِنْ الصّدَأِ وَمَنْ مَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ وَأَطْرَافَهُ لَمْ يُصِبْهُ حَصًى وَلَا شِقَاقٌ وَإِذَا دَهَنَ بِهِ حِقْوَهُ وَمَذَاكِيرَهُ وَمَا وَالَاهَا نَفَعَ مِنْ بَرْدِ الْكُلْيَتَيْنِ وَتَقْطِيرِ الْبَوْلِ.

.حَرْفُ الذّالِ:

.ذَرِيرَةٌ:

ثَبَتَ فِي الصّحِيحَيْنِ: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللّهُ عَنْهَا قَالَتْ طَيّبْتُ رَسُولَ اللّهِ كُلّهُ بِيَدَيّ بِذَرِيرَةٍ فِي حِجّةِ الْوَدَاعِ لِحِلّهِ وَإِحْرَامِهِ تَقَدّمَ الْكَلَامُ فِي الذريرة ومنافعها وما هيتها فلا حاجة لإعادته.

.ذُبَابٌ:

تَقَدّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمُتّفَقِ عَلَيْهِ فِي أَمْرِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ بِغَمْسِ الذّبَابِ فِي الطّعَامِ إذَا سَقَطَ فِيهِ لِأَجْلِ الشّفَاءِ الّذِي فِي جَنَاحِهِ وَهُوَ كَالتّرْيَاقِ لِلسّمّ الّذِي فِي الْجَنَاحِ الْآخَرِ وَذَكَرْنَا مَنَافِعَ الذّبَابِ هُنَاكَ.

.ذَهَبٌ:

رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتّرْمِذِيّ أَنّ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَخّصَ لِعَرْفَجَةَ بْنِ أَسْعَدَ لَمّا قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكُلّابِ وَاِتّخَذَ أَنْفًا مِنْ وَرِقٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنْ يَتّخِذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ. وَلَيْسَ لِعَرْفَجَةَ عِنْدَهُمْ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ. الذّهَبُ زِينَةُ الدّنْيَا وَطِلّسْمُ الْوُجُودِ وَمُفْرِحُ النّفُوسِ وَمُقَوّي الظّهُورِ وَسِرّ اللّهِ فِي أَرْضِهِ وَمِزَاجُهُ فِي سَائِرِ الْكَيْفِيّاتِ وَفِيهِ حَرَارَةٌ لَطِيفَةٌ تَدْخُلُ فِي سَائِرِ الْمَعْجُونَاتِ اللّطِيفَةِ وَالْمُفْرِحَاتِ وَهُوَ أَعْدَلُ الْمَعَادِنِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَشْرَفُهَا.

.خَوَاصّ الذهب:

وَمِنْ خَوَاصّهِ أَنّهُ إذَا دُفِنَ فِي الْأَرْضِ لَمْ يَضُرّهُ التّرَابُ وَلَمْ يُنْقِصْهُ شَيْئًا وَبُرَادَتُهُ إذَا خُلِطَتْ بِالْأَدْوِيَةِ نَفَعَتْ مِنْ ضَعْفِ الْقَلْبِ وَالرّجَفَانِ الْعَارِضِ مِنْ السّوْدَاءِ وَيَنْفَعُ مِنْ حَدِيثِ النّفْسِ وَالْحُزْنِ وَالْغَمّ وَالْفَزَعِ وَالْعِشْقِ وَيُسَمّنُ الْبَدَنَ وَيُقَوّيهِ وَيُذْهِبُ الصّفَارَ وَيُحَسّنُ اللّوْنَ وَيَنْفَعُ مِنْ الْجُذَامِ وَجَمِيعِ الْأَوْجَاعِ وَالْأَمْرَاضِ السّوْدَاوِيّةِ وَيَدْخُلُ بِخَاصّيّةٍ فِي أَدْوِيَةِ دَاءِ الثّعْلَبِ وَدَاءِ الْحَيّةِ شُرْبًا وَطِلَاءً وَيَجْلُو الْعَيْنَ وَيُقَوّيهَا وَيَنْفَعُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ أَمْرَاضِهَا وَيُقَوّي جَمِيعَ الْأَعْضَاءِ. وَإِمْسَاكُهُ فِي الْفَمِ يُزِيلُ الْبَخَرَ وَمَنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يَحْتَاجُ إلَى الْكَيّ وَكُوِيَ بِهِ لَمْ يَتَنَفّطْ مَوْضِعُهُ وَيَبْرَأُ سَرِيعًا وَإِنْ اتّخَذَ مِنْهُ مَيْلًا وَاكْتَحَلَ بِهِ قَوّى الْعَيْنَ وَجَلَاهَا وَإِذَا اُتّخِذَ مِنْهُ خَاتَمٌ فَصّهُ مِنْهُ وَأُحْمِيَ وَكُوِيَ بِهِ قَوَادِمُ أَجْنِحَةِ الْحَمَامِ أَلِفَتْ أَبْرَاجَهَا وَلَمْ تَنْتَقِلْ عَنْهَا. وَلَهُ خَاصّيّةٌ عَجِيبَةٌ فِي تَقْوِيَةِ النّفُوسِ لِأَجْلِهَا أُبِيحَ فِي الْحَرْبِ وَالسّلَاحُ مِنْهُ مَا أُبِيحَ وَقَدْ رَوَى التّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ مُزَيْدَةَ الْعَصَرِيّ رَضِيَ اللّهُ عَنْهُ قَالَ دَخَلَ رَسُولُ اللّهِ يَوْمَ الْفَتْحِ وَعَلَى سَيْفِهِ ذَهَبٌ وَفِضّةٌ وَهُوَ مَعْشُوقُ النّفُوسِ الّتِي مَتَى ظَفِرَتْ بِهِ سَلّاهَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ مَحْبُوبَاتِ الدّنْيَا قَالَ تَعَالَى: {زُيّنَ لِلنّاسِ حُبّ الشّهَوَاتِ مِنَ النّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذّهَبِ وَالْفِضّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آلِ عِمْرَانَ 14]. وَفِي الصّحِيحَيْنِ: عَنْ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادٍ مِنْ ذَهَبٍ لَابْتَغَى إلَيْهِ ثَانِيًا وَلَوْ كَانَ لَهُ ثَانٍ لَابْتَغَى إلَيْهِ ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلّا التّرَابُ وَيَتُوبُ اللّهُ عَلَى مَنْ تَابَ هَذَا وَإِنّهُ أَعْظَمُ حَائِلٍ بَيْنَ الْخَلِيقَةِ وَبَيْنَ فَوْزِهَا الْأَكْبَرِ يَوْمَ مُعَادِهَا وَأَعْظَمُ شَيْءٍ عُصِيَ اللّهُ بِهِ وَبِهِ قُطِعَتْ الْأَرْحَامُ وَأُرِيقَتْ الدّمَاءُ وَاسْتُحِلّتْ الْمَحَارِمُ وَمُنِعَتْ الْحُقُوقُ وَتَظَالَمَ الْعِبَادُ وَهُوَ الْمُرَغّبُ فِي الدّنْيَا وَعَاجِلِهَا وَالْمُزَهّدُ فِي أَعَدّهُ اللّهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِيهَا فَكَمْ أُمِيتَ بِهِ مِنْ حَقّ وَأُحْيِيَ بِهِ مِنْ بَاطِلٍ وَنُصِرَ بِهِ ظَالِمٌ وَقُهِرَ بِهِ مَظْلُومٌ وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَ فِيهِ الْحَرِيرِيّ:
تَبّا لَهُ مِنْ خَادِعٍ مُمَاذِقِ ** أَصْفَرَ ذِي وَجْهَيْنِ كَالْمُنَافِقِ

يَبْدُو بِوَصْفَيْنِ لِعَيْنِ الرّامِقِ ** زِينَةَ مَعْشُوقٍ وَلَوْنٍ عَاشِقِ

وَحُبّهُ عِنْدَ ذَوِي الْحَقَائِقِ يَدْعُو ** إلَى ارْتِكَابِ سُخْطِ الْخَالِقِ

لَوْلَاهُ لَمْ تُقْطَعْ يَمِينُ السّارِقِ ** وَلَا بَدَتْ مَظْلِمَةٌ مِنْ فَاسِقِ

وَلَا اشْمَأَزّ بَاخِلٌ مِنْ طَارِقِ وَلَا ** اشْتَكَى الْمَمْطُولُ مَطْلَ الْعَائِقِ

وَلَا اُسْتُعِيذَ مِنْ حَسُودٍ رَاشِقِ ** وَشَرّ مَا فِيهِ مِنْ الْخَلَائِقِ

أَنْ لَيْسَ يُغْنِي عَنْكَ فِي الْمَضَايِقِ ** إلّا إذَا فَرّ فِرَارَ الْآبِقِ